العقل
دلالات وإشكالات
يظهر التفكير الفلسفي تاريخيا كخطاب يتخذ العقل أو اللوغوس أداة ومبدءا يعوض الميثوس أي الخطاب الأسطوري وآليات تفسيره للعالم. لكن العقل ليس مجرد أداة للإشتغال الفلسفي، بل يغدو أيضا موضوعا للتفكير الفلسفي. وسيرا على نهجها في وضع كل شيء موضع تساؤل واستفهام ، لا تتوانى الفلسفة عن أشكلة مفهوم العقل أي الأداة نفسها والاستفهام عن طبيعتها، قدراتها وحدودها.
لنلاحظ أولا أنه بخلاف المفاهيم الفلسفية التقنية الأخرى، فإن استعمال مفهوم العقل ليس حكرا على الفلسفة، بل يشمل الحس المشترك أيضا. وعندما نعدد الدلالات الاجتماعية المتداولة بشأن العقل، نجد أنها تتوزع بين معنى نظري حيث يستعمل بمعنى: التذكر،الذاكرة،المنطق،الذكاء،التركيز..ومعنى عملي حيث يشير إلى الرزانة والجد والبلوغ..وهي ازدواجية حاضرة في الدلالة الفلسفية كما سنرى.
أما الدلالة الاشتقاقية لكلمة "عقل" في العربية فتركز على البعد العملي وتشتق من عقل أي ربط والعقال هي الحبل التي تربط به الدابة، وقد سمي العقل كذلك لأنه يكبح صاحبه عن التورط في المهالك؛ وبالمقابل نجد تركيزا على البعد انظري في اللغتين اللاتينية واليونانية فــlogos تعني اللغة والعقل والنظام، فيما تعني ratio التفكير والحساب.
أما إذا تتبعنا تاريخ الفلسفة، فسنجد أن دلالة مفهوم العقل قد عرفت تحولا جذريا في الفلسفة الحديثة مع ديكارت ، حيث أصبح هذا المفهوم يشير إلى ملكة وأداة المعرفة المميزة للذات العارفة بعد أن كان يعنى به نظام أو مبدأ نظام الكون بالدرجة الأولى (الكوسموس).وهكذا فدلالة العقل تتخذ معنيين:
-المعنى الموضوعي: وهو المعنى الذي ركزت عليه الفلسفة اليونانية ومن بعدها الفلسفة الإسلامية، بحيث يشير العقل إلى النظام أو مبدأ نظام الكون ، ولذلك فإدراك نظام الكون هو "تعقل" له أو تطابق العقلين الإنساني والكوني وهي الغاية الأسمى للتفلسف، ونظام الكون والطبيعة واتساقهما البديع ليسا سوى تجل لعقل كوني وما العقل الإنساني سوى قبس منه. ولهذا السبب أيضا تعتبر الصدف والخوارق لا عقلية.
-المعنى الذاتي: بدأ التركيز على هذا المعنى والاقتصار عليه منذ ديكارت ويعرف العقل هنا بأنه النور الطبيعي وملكة وأداة المعرفة التي تتوفر عليها كل ذات عارفة. وللعقل بهذا المعنى وظيفتين:
• *وظيفة منطقية تشمل الاستدلال والحدس(الذي هو استدلال مباشر)اعتمادا على مبادئ كلية مجردة كالهوية،عدم التناقض والثالث المرفوع وكذا مبدأ السببية؛
• *وظيفة معيارية تتمثل في الحكم والتقييم اعتمادا على معايير ثلاث: الحق(المتعلق بالأقوال والقضايا)،الخير(الأفعال)ثم الجمال(الأحاسيس)
نلخص ما سبق بالقول أن مفهوم العقل يعني ملكة المعرفة المتجلية من خلال أنشطة الاستدلال والحدس اعتمادا على مبادئ كلية مجردة (وظيفة منطقية)ثم الحكم اعتمادا على معايير(وظيفة معيارية).
طبيعة العقل ووظائفه
تتضمن الدلالات الفلسفية السابقة عدة عناصر يمكن استثمارها لبناء إشكالية الدرس: فإذا كان العقل هو ملكة المبادئ كما تقدم، فما مصدر هذه الأخيرة وبالتالي ما مصدر المعارف المحصل عليها باستخدامها؟هل يستمدها العقل من ذاته باعتباره ملكة فطرية؟أم يستخلصها ويستقبلها من التجربة كما لو كان مرآة عاكسة وبعبارة أخرى ما دور العقل و ماوظيفته في عملية المعرفة ؟
إن التساؤل حول طبيعة العقل يعني التساؤل حول طبيعة مبادئه، فالعقل ليس شيئا آخر غير ملكة المبادئ؛ ولقد كان السؤال الذي شغل الفلاسفة منذ ديكارت بالخصوص هو طبيعة هذه المبادئ ومصدرها: فأما العقلانيون فيعودون بأصلها إلى العقل نفسه مؤكدين على فطريتها، في حين يشدد التجريبيون على دور التجربة والمعطيات الحسية في تشكيل هذه المبادئ وما يترتب عليها من معارف.
1- طبيعة المعرفة و مبادئ العقل في الفلسفة العقلانية:
يتمثل أكبر دليل على فطرية مبادئ العقل و المعرفة عموما - عند ديكارت - في فطرية ملكة العقل نفسه وكونه أعدل الأشياء قيمة بين الناس، واحدا لديهم جميعا، وتشهد على ذلك أمور كثيرة منها أنه العلامة الفارقة بين الإنسان والحيوان مما يفرض وجوده كاملا لدى كل إنسان؛ ثم اعتقاد كل فرد أنه قد أوتي منه الكفاية بينما لا يتوقف عن الشكوى وطلب المزيد في الصفات الأخرى؛ أما الإختلاف بين الناس في القدرة على إدراك الحقيقة فيرجع إلى اختلاف طرق ومناهج استخدام العقل لا إلى العقل نفسه، وبناءا على هذه القناعة وضع ديكارت كتاب " قواعد المنهج لحسن قيادة العقل " إذ ليس المهم أن يكون للإنسان عقل بل المهم أن يحسن استخدامه.
إذا ثبتت فطرية العقل و مبادئه لزمت عنها فطرية المعرفة عموما وأولوية العقل في إنتاجها مع تهميش دور التجربة والحواس الذي سينحصر في مجرد إثارة الأفكار والمبادئ والطبائع الفطرية. ولتسويغ هذا التهميش، يسوق ديكارت الدليل المعروف بخداع الحواس: فهذه الأخيرة تمدنا أحيانا بمعرفة خادعة غير مطابقة للواقع لولا تدخل العقل لتصحيح ذلك؛ وهذا كاف في نظره لاستبعاد الحواس و التجربة والاقتصار على العقل كمصدر للمعرفة اليقينية ، لأن كما يقول ديكارت :"ما خدعني مرة من يدريني أنه لن يخدعني مرات أخرى؟".
كما يستدل ديكارت أيضا بعلم الرياضيات: فهاهنا علم نموذج لليقين وهو مع ذلك علم تجريدي لا يختص مباشرة بالمحسوسات، فالكائنات الرياضية كيانات عقلية مجردة وحقائقه ليست إلا ثمرة استدلالات واستنباطات عقلية خالصة؛ مما يشهد بيقينية المعارف المعتمدة على العقل وحده. وفي الواقع، لا يمكن فهم مثل هذا الموقف الخاص معزولا عن خلفيته الفلسفية والميتافيزيقية العامة التي تجعل الرياضيات نموذج العلم واليقين والمعرفة الحقة كما تجعل " العلم بالمعقولات سابقا على العلم بالمحسوسات " أي أني، قبل إدراك الشيء بواسطة الحواس، فأنا أدرك أولا فكرة الشيء الماثل في ذهني بل هي ما أدركه على نحو مباشر، وفي ذلك يقول مالبرانش :"إن الموضوع المباشر لذهننا حين نرى الشمس، ليس الشمس نفسها بل شيئا متحدا بفكرنا وهي فكرة الشمس" نلخص ما سبق بالقول أن العقل عند العقلانيين ملكةأو وعاء فطري لمبادئ وأفكار فطرية سابقة على التجربة التي لا تدرك إلا انطلاقا منها وبعدها؛ وأن المعارف التي ينتجها العقل في استقلال وغنى عن التجربة هي وحدها التي تتمتع بأعلى درجات اليقين. وليس غريبا أن تنعت عقلانية ديكارت و لايبنتز بالعقلانية الدوغمائية بسبب كل هذه الوثوقية في قدرة العقل وحده0
2-التصور التجريبي لطبيعة العقل ووظيفته:
يمكن اعتبار الفلسفة التجريبيةالتي ظهرت في انجلترا رد فعل مباشر على المغالاة الكامنة في الأطروحات العقلانية، وإن كان التقليد الإنجليزي تغلب عليه أصلا النزعة التجريبية منذ بيكون. ويتلخص الموقف التجريبي في قولة شهيرة لــ جون لوك :" العقل صفحة بيضاء والتجربة تنقش عليها مختلف المعارف "أي أنه لاوجود لشيء في العقل إلا وقد سبق وجوده في الحس، فهو والتجربة المصدران الأولان للمعرفة الإنسانية. وبصفة عامة، فالفلسفة التجريبية تكاد تكون هي الفلسفة العقلانية معكوسة، وتكاد كل أطروحة عقلانية تجد نقيضها لدى التجريبيين: فإذا كان العقلانيون يضعون في العقل مبادءا وأفكارا فطرية كمبدأ الهوية وفكرة اللامتناهي، فإن جون لوك يتساءل بشيء من السخرية: "هل أنا محتاج إلى مبدأ الهوية لأعرف أن النار هي النار؟ولماذا لايعرف الأطفال والبدائيون مثل هذه المبادئ ؟ إن ذلك يثبت أن المعرفة الإنسانية مستغنية عن مثل هذه المبادئ المزعومة التي لاتوجد في العقل بقدر ما توجد في مصنفات الفلاسفة. وإذا كانت فكرة اللامتناهي فطرية عند ديكارت لإستحالة وجود اللامتناهي في المحسوس واستحالة إدراكه بالحواس، فهي عند التجريبيين فكرة مكتسبة ومركبة بفعل إضافة مقادير متناهية إلى بعضها بشكل مستمر.
ويذهب جون لوك إلى حد رد جميع معارف العقل ومبادئه إلى التجربة الحسية: هناك أولا معان بسيطة مدركة ظاهرا بالحواس كالحرارة والألوان أو مدركة باطنا عندما تتأمل النفس عملياتها الخاصة كالإرادة والخوف وغيرهما؛ ومن هذه المعاني البسيطة تنشأ المعاني المركبة كالبنوة والزمان والجمال... وبإختصار، فلا شيء في العقل إلا وقد سبق وجوده في الحس.
وإذا كان العقلاني لآيبنتز قد جعل مبدأ السببية مبدءا عقليا خالصا بموجبه فقط يرتبط السبب بالنتيجة ارتباطا ضروريا، فإن دافيد هيوم لا يرى في هذا المبدأ سوى نتاج للعادة وتكرار التجارب الذي يجعل الفكر يلاحظ علاقة تتكرر باستمرار بين بعض الظواهر، بحيث يتوقع حدوث إحداها عقب حدوث الأخرى: كتوقع حدوث الإحتراق عقب تقريب الورقة من النار، فيحكم الفكر بوجود علاقة سببية بينهما، وبالتالي فالسببية علاقة تجريبية غير مستنبطة بموجب ضرورة منطقية أو عقلية.
ثم إن دراسة اللغة - بالنسية للتجريبيين – تؤكد وضع التجربة كمصدر لجميع الأفكار والمعاني العقلية : فالألفاظ أطلقت في البداية على جزئيات محسوسة ثم نقلت بالتدريج للدلالة على كليات مجردة عند وجود التشابه وإسقاط الأعراض الذاتية، كما نقلت للدلالة على الروحيات بالتشبيه والمجاز.
وباختصار، فالتجربة والحس مصدرا جميع المعارف والمعاني بما في ذلك المبادئ التي يشتغل وفقها العقل: فالعلم بالمحسوسات سابق على العلم بالمعقولات التي تشتق منها. وإذا كان العقلانيون قد بلغوا في تقدير العقل حد جعله قادرا على الخوض في ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا)، فإن التجريبيين يحصرون حدود المعرفة ضمن حدود التجربة وما يقع تحت طائلة الحواس وما يشتق من انطباعاتها، ولربما أنكروا في النهاية وجود العقل أصلا مادام مجرد متلق ووعاء للمعطيات الحسية. ولتجاوز غلو هؤلاء وأولئك والمنزلقات الملازمة لكل غلو، صاغ إيمانويل كانط تصوره المعروف بالفلسفة النقدية.
3-تصور الفلسفة النقدية لوظائف كل من العقل والتجربة في عملية المعرفة:
إن التجربة الحسية هي نقطة البدء عند كانط : فبدون ما تنقله إلينا الحواس لا يمكن إدراك أي موضوع من الموضوعات. إنه إذن يقر للتجريبيين بأن المعرفة الحقة تبدأ من معطيات التجربة، لكن هذه المعطيات الحسية تظل مشتتة وغامضة وبالتالي دون مستوى التجربة الإدراكية الكاملة إن لم تتدخل بعض المبادئ والمقولات العقلية المنظمة غير المتضمنة في المعطيات الحسية: فكانط إذن يحتفظ من جهة أخرى بدعوى العقلانيين القائلة بأن مبادئ العقل وحدها قادرة على إضفاء صفات الشمولية والضرورة واليقين وكلها صفات تفتقدها التجربة المتصفة بالجواز والتغيروالجزئية.
وهكذا فإن الجمع بين الموقفين هو الذي يسمح لنا بأن نفهم كيف أن المعرفة الإنسانية ضرورية وواقعية في نفس الوقت؛ أي إنه لا غنى للمعرفة عن المقولات العقلية والمعطيات الحسية معا، وفي ذلك يقول كانط :" المقولات العقلية بدون معطيات حسية جوفاء، والمعطيات الحسية بدون مقولات عقلية عمياء " وتفسير ذلك أن الحواس تقدم مادة المعرفة في حين يقدم العقل صورة المعرفة. ولكن ألا يمكن لهذه "الصورة" أي مقولات العقل أن تكون مشتقة بعديا من معطيات التجربة؟ تأكيدا للطابع القبلي للمقولات العقلية يقول كانط بأنه يمكن تصور مكان بدون أشياء وزمان بدون أحداث، ولكن لا يمكن تصور أشياء في غير مكان أو أحداث في لا زمان. وتتضمن هذه المقولات القبلية مقولتين رئيسيتين في ملكة الحساسية وهما الزمان والمكان تنضاف إليهما على مستوى الفهم مقولات كالجوهر ،السببية،الكم،الكيف،الجهة،الإضافة... وغايتها كلها تنظيم وتوحيد المعطيات والحدوس الحسية، دون أن يعني ذلك قدرة العقل على إنتاج المعرفة اعتمادا على أطره ومقولاته القبلية وحدها مع التأكيد بالمقابل أن الإدراكات الحسية تظل مجرد مادة خام بدون التنظيم والتوحيد الذي يفرضه العقل عليها. وهكذا فالإحساسات المختلفة التي نتلقاها عن موضوع خارجي كالكرسي مثلا هي شكل ولون وملمس وأجزاء وأعراض مختلفة، ولكن هذا الموضوع لا يصبح مدركا إلا إذا تم الجمع بين هذه الأعراض المختلفة ونسبتها إلى جوهر أو كيان واحد وتم تعيينها في مكان بحيث يصبح متميزا عن المدركات الأخرى المحيطة به بحيث يكون فوق أو تحت ،أمام أو خلف..مدركات أخرى.
غير أن مساهمة الفلسفة النقدية ل كانط لا تقتصر على تعيين الوظيفة الحقيقية للعقل، بل تتجلى في رسم حدود الإستعمال المشروع لملكة العقل ولما يمكن أن تبلغه المعرفة الإنسانية بواسطة العقل: فمادام التنظيم والتوحيد الذي يقوم به العقل رهنا بتوفر معطيات حسية، فمن الخطأ الفلسفي الجسيم التعويل عليه في معرفة ما يتجاوز التجربة (الميتافيزيقا، ما وراء الطبيعة)؛ إذ لا يمكن للعقل أن يطمع في بلوغ معرفة يقينية بصددها لإنعدام حدوس حسية مقابلة للأفكار الخالصة المكونة لنسيج الميتافيزيقا .وبناءا على ذلك قام كانط بتقسيم بنية العقل إلى الملكات التالية:
• -الحساسية: وهي ملكة تنحصر مهمتها في تلقي الحدوس الحسية اعتمادا على مقولتي الزمان والمكان؛
• -الفهم : ووظيفتها تنظيم وتوحيد الحدوس الحسية في معرفة كلية ضرورية اعتمادا على مقولات قبلية؛ وبذلك تكون ملكة الفهم مرتبطة بالتجربة أشد الارتباط؛
• -العقل الخالص: لا يرتبط بالتجربة إلا على نحو غير مباشر عن طريق ملكة الفهم لأن إحدى وظائفه هي إعادة توحيد ما وحده الفهم إلى أقصى درجة ممكنة، وله استعمال مفارق في مجال خاص به هو الميتافيزيقا (الله، النفس،أصل العالم..)
إذا كان العقلانيون يعتبرون العقل المصدر الأول للمعرفة، مهملين بذلك دور التجربة التي أعاد لها التجريبيون الاعتبار على حساب إنكار كل وظيفة للعقل بما هو كذلك اللهم ، إلا تلقي الإنطباعات الحسية، فإن كانط يتجاوز غلو الموقفين بإثبات أن المعرفة الإنسانية لا تقوم إلا على معطيات حسية(التجربة ) ومقولات قبلية(العقل ) معا. ولكنه لم يستطع أن يدرك هذه المقولات والمبادئ إلا ثابتة متعالية على كل تغيير.
بنية العقل بين الثبات والتغير
وإذا كانت المعارف (التي ينتجها العقل اعتمادا على مبادئ ) قد عرفت ليس فقط تراكما بل تغيرا وشهدت قطائعا، أفلا يسري قانون التغير والتطور على مبادئ العقل نفسها وبالتالي هل مبادئ العقل ثابتة أم متغيرة؟ مما لاشك فيه أن المعرفة الإنسانية خضعت وتخضع لتغيرات جزئية و كلية جذرية، أفلا يخضع العقل وهو منتجها لنفس قانون التغير؟ وبتعبير آخر هل يتأثر العقل بإنتاجاته وهل تقع مبادئ العقل داخل التاريخ أم خارجه؟ هل هي تاريخية أم فوق تاريخية؟ وباختصار:هل تتأثر الأداة بالتغير الذي يلحق إنتاجاتها؟
هناك تصوران مختلفان بصدد هذه الأسئلة: عقلانية كلاسيكية سطاتيكية تنتصر للثبات بناء على قراءة خاصة للمعطيات العلمية لعصرها، وعقلانية معاصرة تقول باستحالة انفلات العقل من دائرة التغير والتاريخ، انسجاما مع الدروس المستخلصة من الثورة العلمية المعاصرة